بيئتك وعائلتك
على المسلم الجديد منذ دخوله في الدين أن يرسخ علاقاته ويحسن تعاملاته وأخلاقه مع جميع معارفه وأقاربه من المسلمين وغيرهم، فالإسلام لا يدعو إلى الانطواء والعزلة.
والإحسان إلى الناس والتعامل معهم بأحسن الأخلاق وأفضلها هو خير تعريف بهذا الدين الذي بعث رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق.
والعائلة والأسرة هم الخطوة الأولى في تطبيق الأخلاق الفاضلة والتعاملات السمحة الكريمة (انظر ص 185).
وهذه بعض الأحكام الشرعية التي قد يحتاج إليها المسلم الجديد في عائلته.
الحياة الأسرية بعد الدخول في الإسلام
إذا أسلم الزوجان سوياً:
إذا أسلم الزوجان سوياً بقيا على نكاحهما في الإسلام من غير حاجة لتجديد عقد الزوجية.
ويستثنى من ذلك الأحوال التالية:
- إن كان متزوجاً من أحد محارمه، كمن تزوج بأمه أو أخته أو عمته أو خالته، فيجب التفريق بينهم منذ إسلامهم (انظر ص 173).
- إذا جمع بين الأختين، أو بين المرأة وعمتها، أو بين المرأة وخالتها فيلزمه طلاق إحداهما.
- إذا أسلم هو وزوجاته، وكانت زوجاته أكثر من أربع نسوة: فلا يجوز له الإبقاء على أكثر من أربع، فيختار منهن أربعاً ويفارق الباقيات.
ولكن ما الحكم إذا أسلم الرجل ولم تسلم زوجته؟
ننظر هنا إلى دين المرأة: فإما أن تكون كتابية يهودية أو نصرانية، أو غير كتابية منتسبة إلى دين آخر كالبوذية والهندوسية والوثنية أو ملحدة لا تؤمن بالأديان.
- الزوجة الكتابية:
إذا أسلم الرجل ولم تسلم زوجته وكانت الزوجة كتابية (يهودية أو نصرانية بمختلف طوائفها) فالنكاح باق على حاله لأنه يجوز للمسلم أن يبتدئ نكاح الكتابية، فاستدامته وبقاؤه أولى.
قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (المائدة: 5).
ولكن عليه الحرص على دعوتها وهدايتها بكل الوسائل والطرق.
- الزوجة غير الكتابية:
إذا أسلم الرجل وأبت زوجته الإسلام ولم تكن من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) بل كانت بوذية أو هندوسية أو وثنية أو غير ذلك:
فينتظر فترة عدة المطلقة وتفصيلها كما في الجدول المقابل.
- فإن أسلمت خلالها فهي زوجته ولا يحتاج إلى تجديد للعقد.
- وإن أبت الإسلام حتى انقضت عدتها انفسخ النكاح.
ومتى ما أسلمت بعد ذلك فيتقدم إليها ويطلب الزواج منها إن أراد، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر} (الممتحنة: 10) أي لا تبقوا المرأة الكافرة غير الكتابية في عصمتكم بعد إسلامكم.
عدة المرأة المطلقة: | |
من تزوجها بالعقد ولم يدخل عليها (أي لم يجامعها أو يختلي بها، بل مجرد عقد الزوجية): فهذه تفارقه وتبين منه بمجرد الطلاق، وفي مسألتنا بمجرد إسلامه. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَ} (الأحزاب: 49). |
|
عدة الحامل: تنتهي بوضع حملها سواء طال ذلك أو قصر، كما قال تعالى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (الطلاق: 4). | |
من لم تكن حاملاً وتأتيها الدورة الشهرية (الحيض): فعِدَّتُها ثلاثُ حيضات كاملة بعد الطلاق أو بعد إسلام الزوج؛ بمعنى أن يأتيها الحيض وتطهر، ثم يَأْتِيها وتطهر، ثم يأتيها وتطهر، فهذه ثلاث حيضات كاملة، سواءٌ طالت المدة بينهن أم لم تطل، فإذا اغتسلت بعد طهرها الثالث فقد انتهت عدتها؛ لقَوْلِهِ تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء} (البقرة: 228). | |
التي لا تحيض سواء كان ذلك بسبب صغر سنها أو كبر سنها وانتهاء الطمث لديها، أو كان ذلك بسبب مرض مزمن وعلة دائمة: فعدتها ثلاثَةُ أَشْهُرٍ من أن يطلقها أو من أن يسلم زوجها؛ لقوله تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْن} (الطلاق: 4). |
إذا لم تسلم الزوجة :
ما الحكم إذا أسلمت المرأة ولم يسلم زوجها؟
إذا أسلم الزوجان الكافران معاً: فهما باقيان على نكاحهما ما لم يكن ممن يحرم الزواج منه، لكونه من محارمها كأخيها وعمها وخالها، (انظر ص 172).
أما إذا أسلمت المرأة وأبى زوجها الإسلام:
فبمجرد إسلامها ينتقل عقد النكاح إلى عقد جائز غير لازم وللزوجة أن تختار :
- أن تنتظر وتتربص إسلام زوجها، وتحاول بشتى الوسائل والطرق توضيح الدين وحقائقه لزوجها، وتدعو الله له بالهداية، فإن أسلم ولو بعد مدة طويلة فإنها ترجع إليه بالنكاح الأول مادامت تنتظره، ولا يحل لها أن تمكنه من جماعها مادام لم يسلم.
- ولها إن شاءت أن تطلب الطلاق وفسخ النكاح متى ما أرادت إذا رأت أنه لا أمل من انتظار إسلامه.
وفي كلتا الحالتين يحرم عليها تمكين زوجها الكافر من جماعها منذ أن تسلم، كما قال تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (الممتحنة: 10).
وعلى هذا فعلى المرأة من بداية إسلامها أن تفعل ما يلي:
- على المرأة منذ أن تسلم أن تبادر بدعوة زوجها للإسلام بكل الوسائل بالحكمة والموعظة الحسنة.
- إن امتنع الزوج عن الإسلام ولم تفلح في إقناعه بعد المحاولات ويئست من ذلك: فعليها المبادرة والشروع في إجراءات الانفصال والطلاق.
- الفترة التي تستغرقها إجراءات الطلاق ولو طالت يعتبر فيها عقد النكاح بينهما عقداً جائزاً، فمتى ما أسلم زوجها في هذه الفترة ولو بعد العدة رجع إليها بالعقد الأول، وإذا انتهت الإجراءات فقد فسخ العقد.
- يجوز للمرأة البقاء في بيت الزوجية في فترة الانتظار قبل انتهاء إجراءات الطلاق، ويحرم عليها أن تمكن زوجها الكافر من الجماع منذ أن تسلم.
إسلام الأطفال:
جميع الناس خلقوا على الفطرة والإسلام، والديانات الأخرى طارئة عليه بسبب تعليم الوالدين وتربيتهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" (البخاري 1292، مسلم 2658).
ولكن من مات من أطفال الكفار فإنا نعاملهم بأحكام الكفار في الدنيا والله عز وجل يعلم السر وأخفى ولا يظلم ربك أحدا، فيمتحنهم ويبتليهم يوم القيامة فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار.
ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: "الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين" (البخاري 1317).
ولكن متى نحكم لأطفال الكفار بالإسلام في الدنيا؟
لإثبات إسلام الأطفال أحوال مختلفة منها:
- إذا أسلم الأبوان، أو أسلم أحدهما، فإن الطفل يتبع خير أبويه ديناً.
- إذا أسلم الطفل المميز دون البلوغ ولو لم يسلم أبواه، وقد كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: "أسلم" فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار" ( البخاري 1290).