الإيمان بأسماء الله وصفاته

الإيمان بما أثبته الله لنفسه في كتابه أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق بالله تعالى.

فللَّه سبحانه أحسن الأسماء وأكمل الصفات, وليس له مثيل في أسمائه وصفاته, كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} (الشورى: 11). فالله تعالى منزّه عن مماثلة أحد من مخلوقاته في جميع أسمائه وصفاته.

من أسماء الله تعالى:

قال الله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} (الفاتحة: 3).

وقال تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} (الشورى: 11).

وقال تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} (لقمان: 9).

وقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوم} (البقرة: 255).

وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} (الفاتحة: 2).

ثمرات الإيمان بأسماء الله وصفاته:

  1. التعرّف على الله تعالى، فمن آمن بأسماء الله وصفاته ازداد معرفة بالله تعالى، فيزداد إيمانه بالله يقينا، ويقوى توحيده لله تعالى, وحق لمن عرف أسماء الله وصفاته أن يمتلئ قلبه تعظيما ومحبة وخضوعاً له سبحانه وتعالى.

  2. الثناء على الله بأسمائه الحسنى، وهذا من أفضل أنواع الذكر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} (الأحزاب: 41).

  3. سؤال الله ودعاؤه بأسمائه وصفاته، كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف: 180), ومثال ذلك أن يقول: يا رزاق ارزقني, ويا تواب تب علي, ويارحيم ارحمني.

أعلى درجات الإيمان:

الإيمان درجات, وينقص إيمان المسلم بقدر غفلته وعصيانه, ويزيد إيمانه كلما ازداد طاعة وعبادة وخشية لله.

وأعلى درجات الإيمان هو ما سماه الشرع بالإحسان, وقد عرفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (البخاري 50, مسلم 8).

فتتذكــــر في قيامـــك وقعــــودك, وجدك وهزلك, وحالاتك كلها؛ أن الله مطلع عليك, ناظر إليك, فلا تعصه وأنت تعلم أنه يراك, ولا تجعل الخوف واليأس يتملكانك وأنت تعلم أنه معك, وكيف تشعر بالوحشة وأنت تناجيه بالدعاء والصلاة, وكيف تسول لك نفسك المعصية وأنت توقن أنه يعلم سرك وعلانيتك, فإن زللت أو أخطأت رجعت وتبت واستغفرت فيتوب الله عليك.

من ثمرات الإيمان بالله تعالى:

  1. أن الله يدفع عن المؤمنين جميع المكاره، وينجيهم من الشدائد، ويحفظهم من مكايد الأعداء، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا} (الحج: 38).

  2. أن الإيمان سبب الحياة الطيبة والسعادة والسرور, قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة} (النحل: 97).

  3. أن الإيمان يطهّر النفوس من الخرافات، فمن آمن بالله تعالى حقا فإنه يعلِّق أمره بالله تعالى وحده، فهو رب العالمين، وهو الإله الحق لا إله غيره، فلا يخاف من مخلوق، ولا يعلّق قلبه بأحد من الناس، ومن ثم يتحرر من الخرافات والأوهام.

  4. وأعظم آثار الإيمان: الحصول على مرضاة الله تعالى، ودخول الجنة، والفوز بالنعيم المقيم، والرحمة الكاملة.

الإيمان بالملائكة

معنى الإيمان بالملائكة:

التصديق الجازم بوجود الملائكة، وأنهم عالم غيبي غير عالم الإنس وعالم الجن، وهم كرام أتقياء، يعبدون الله حق العبادة، ويقومون بتنفيذ ما يأمرهم به، ولا يعصون الله أبداً.

كما قال تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ • لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُون} (الأنبياء: 26-27).

والإيمان بهم أحد أركان الإيمان الستة, قال تعالى: {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِه} (البقرة: 285).

وقال صلى الله عليه وسلم عن الإيمان: "أن تؤمن بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره" (مسلم 8).

ماذا يتضمن الإيمان بالملائكة؟

  1. الإيمان بوجودهم: فنؤمن أنهم مخلوقات لله تعالى, موجودة على الحقيقة, خلقهم من نور, وجبلهم على عبادته وطاعته.
  2. الإيمان بمن علمنا اسمه منهم كجبريل عليه السلام، ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالا.
  3. الإيمان بما علمناه من صفاتهم ومن ذلك:

أنهم عالم غيبي, مخلوقون عابدون لله تعالى، فليس لهم من صفات الربوبية والألوهية شيء، بل هم عباد الله منقادون تماما لطاعة الله، كما قال سبحانه عنهم: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون} (التحريم: 6).

أنهم خلقوا من نور، قال عليه الصلاة والسلام: "خُلقت الملائكة من نور" (مسلم 2996).

أن لهم أجنحة, فقد أخبر الله تعالى أنه جعل للملائكة أجنحة يتفاوتون في أعدادها, فقال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} (فاطر: 1).

  1. الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى ومن ذلك:

الموكل بالوحي من الله تعالى إلى رسله عليهم السلام، وهو جبريل عليه السلام.

الموكل بقبض الأرواح، وهو ملك الموت وأعوانه.

الموكلون بحفظ عمل العبد وكتابته سواءً كان خيراً أو شراً، وهم الكرام الكاتبون.

ثمرات الإيمان بالملائكة:

للإيمان بالملائكة ثمرات عظيمة في حياة المؤمن، نذكر منها ما يلي:

  1. العلم بعظمة الله وقوته وكمال قدرته، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق، فيزيد المؤمن تقديرا لله وتعظيما له، حيث يخلق الله تعالى من النور ملائكة ذوي أجنحة.

  2. الاستقامة على طاعة الله تعالى، فمن آمن بأن الملائكة تكتب أعماله كلها فإن هذا يوجب خوفه من الله تعالى، فلا يعصيه في العلانية ولا في السر.

  3. الصبر على طاعة الله، والشعور بالأنس والطمأنينة, عندما يوقن المؤمن أن معه في هذا الكون الفسيح أُلوفا من الملائكة تقوم بطاعة الله على أحسن حال وأكمل شأن.

  4. شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث جعل من الملائكة من يقوم بحفظهم وحمايتهم.

الإيمان بالكتب

معنى الإيمان بالكتب:

تتم كتابة المصحف الشريف وفق أدق ضوابط الإتقان.

التصديق الجازم بأن لله تعالى كتبا أنزلها على رسله إلى عباده، وأن هذه الكتب كلام الله تعالى تكلّم بها حقيقة كما يليق به سبحانه، وأن هذه الكتب فيها الحق والنور والهدى للناس في الدارين.

والإيمان بالكتب أحد أركان الإيمان، كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل} (النساء: 136).

فأمر الله بالإيمان به وبرسوله وبالكتاب الذي نزّل على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القرآن، كما أمر بالإيمان بالكتب المنزلة قبل القرآن.

وقال صلى الله عليه وسلم عن الإيمان: "أن تؤمن بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, وتؤمن بالقدر خيره وشره" (مسلم 8).

ما الذي يتضمنه الإيمان بالكتب؟

  1. الإيمان بأن نزولها من عند الله حقا.
  2. الإيمان بأنها كلام الله سبحانه وتعالى.
  3. الإيمان بما سمّى الله من كتبه, كالقرآن الكريم الذي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, والتوراةِ التي أنزلت على موسى عليه السلام، والإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام.
  4. تصديق ما صح من أخبارها.

مزايا وخصائص القرآن الكريم:

إن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المنزل على نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم, ومن ثم فإن المؤمن يعظّم هذا الكتاب، ويسعى إلى التمسك بأحكامه، وتلاوته وتدبّره.

وحسبنا أن هذا القرآن هو هادينا في الدنيا، وسبب فوزنا في الآخرة.

وللقرآن الكريم مزايا كثيرة وخصائص متعددة ينفرد بها عن الكتب السماوية السابقة، منها:

  1. أن القرآن الكريم قد تضمّن خلاصة الأحكام الإلهية، وجاء مؤيِّدا ومصِّدقا لما جاء في الكتب السابقة من الأمر بعبادة الله وحده.

قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْه} (المائدة: 48).

ومعنى: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَاب}: أي يوافق ما جاء في أخبار الكتب السابقة وما جاء فيها من الاعتقادات وأمور، ومعنى {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْه}: أي مُؤْتَمِنا وشاهِدا على ما قبله من الكتب.

  1. أنه يجب على جميع الناس بشتى لغاتهم وأعراقهم التمسك به، والعمل بمقتضاه, مهما تأخر زمانهم عن وقت نزول القرآن, بخلاف الكتب السابقة فهي لأقوام معينين في زمن محدد, قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام: 19).
  2. أن الله تعالى قد تكفّل بحفظ القرآن الكريم، فلم تمتد إليه يد التحريف، ولا تمتد إليه أبداً كما قال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9) ولذلك فإن جميع أخباره صحيحة واجبة التصديق.

ما واجبنا نحو القرآن الكريم؟

  • يجب علينا محبة القرآن، وتعظيم قدره واحترامه, إذ هو كلام الخالق عز وجل, فهو أصدق الكلام وأفضله.
  • يجب علينا تلاوته وقراءته، مع تدبّر آياته وسوره، فنتفكر في مواعظ القرآن وأخباره وقصصه, ونعرض عليه حياتنا لنستبين الحق من الباطل.
  • ويجب علينا اتباع أحكامه، والامتثال لأوامره وآدابه وجعلها منهاج حياتنا.

ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان خلقه القرآن» (أحمد 24601, مسلم 746).

ومعنى الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وأعماله هو التطبيق العملي لأحكام القرآن وشرائعه، فقد حقق صلى الله عليه وسلم كمال الاتباع لهدي القرآن، وهو القدوة الحسنة لكل واحد منا، كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً} (الأحزاب: 21).

ما موقفنا مما في الكتب السابقة؟

المسلم يؤمن بأن التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام, والإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام حق من عند الله تعالى, وقد اشتملا على الأحكام والمواعظ والأخبار التي فيها هدى ونور للناس في معاشهم وحياتهم وآخرتهم.

يعتقد المسلم أن التوراة والإنجيل أنزلا من عند الله ولكن شابهما الكثير من التحريف والتبديل ولا نصدق منها إلا ما وافق القرآن والسنة.

ولكن الله تعالى أخبرنا في القرآن الكريم أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى قد حرّفوا كتبهم, وأضافوا إليها وأنقصوا منها, فلم تبق كما أنزلها الله تعالى.

فالتوراة الموجودة الآن ليست هي التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام, لأن اليهود حرفوا وبدّلوا، وتلاعبوا بكثير من أحكامها، قال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه} (النساء:46).

وكذلك الإنجيل الموجود الآن ليس هو الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام, فقد حرف النصارى الإنجيل، وبدّلوا كثيراً من أحكامه، قال تعالى عن النصارى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُون} (آل عمران:78).

{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون} (المائدة: 14).

ولهذا نجد أن ما يسمى الكتاب المقدس في أيدي أهل الكتاب اليوم والمحتوي على التوراة والإنجيل يشتمل على كثير من العقائد الفاسدة, والأخبار الباطلة، والحكايات الكاذبة, ولا نصدِّق من أخبار هذه الكتب إلا ما صدّقه القرآن الكريم، أو السنة الصحيحة، ونكذب ما كذّبه القرآن والسنة، ونسكت عن الباقي فلا نصدقه ولا نكذبه.

ومع ذلك فالمسلم يحترم تلك الكتب ولا يهينها ولا يدنسها؛ لأنها قد تحتوي في طياتها على شيء من بقايا كلام الله الذي لم يحرف.

ثمرات الإيمان بالكتب:

للإيمان بالكتب ثمرات كثيرة منها:

  1. العلم بعناية الله تعالى بعباده، وكمال رحمته, حيث أرسل لكل قوم كتابا يهديهم به، ويحقق لهم السعادة في الدنيا والآخرة.

  2. العلم بحكمة الله تعالى في شرعه، حيث شَرَع لكل قوم ما يناسب أحوالهم ويلائم أشخاصهم، كما قال الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجً} (المائدة: 48).

  3. شكر نعمة الله في إنزال تلك الكتب، فهذه الكتب نور وهدى في الدنيا والآخرة، ومن ثم فيتعيّن شكر الله على هذه النعم العظيم.