الزكاة
مقاصد الزكاة:
فرض الله الزكاة على المسلمين لمقاصد عظيمة نذكر بعضها:
- أن حب المال غريزة إنسانية تحمل الإنسان على أن يحرص كل الحرص على المحافظة والتمسك به، فأوجب الشرع أداء الزكاة تطهيراً للنفس من رذيلة البخل والطمع، وإزالة حب الدنيا والتمسك بأهدابها، قال الله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها} (التوبة: 103).
- أداء الزكاة يتحقق به مبدأ الترابط والألفة، ذلك لأن النفس البشرية جبلت على حب من أحسن إليها، وبذلك يعيش أفراد المجتمع المسلم متحابين متماسكين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وتقل حوادث السرقة والنهب والاختلاس.
- يتحقق بها معنى العبودية والخضوع المطلق والاستسلام التام لله رب العالمين، عندما يخرج الغني زكاة ماله فهو مطبق لشرع الله، منفذ لأمره، وفي إخراجها شكر المنعم على تلك النعمة،{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}(إبراهيم: 7).
- يتحقق بأدائها مفهوم الضمان الاجتماعي، والتوازن النسبي بين فئات المجتمع، فبإخراجها إلى مستحقيها لا تبقى الثروة المالية مكدسة في فئات محصورة من المجتمع ومحتكرة لديهم. يقول الله تعالى:{كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (الحشر: 7).
ما الأموال التي تجب فيها الزكاة؟
لا تجب الزكاة في ما يملكه الإنسان للانتفاع بذاته كمنزله الذي يسكن فيه مهما غلا ثمنه، ولا في سيارته التي يستخدمها وإن كانت فارهة، وهكذا ملابسه وأكله ومشربه.
وإنما أوجب الله الزكاة في أنواع من الأموال تتصف بأنها ليست من حاجاته المستخدمة، ومن طبيعتها النماء والزيادة كالتالي:
- الذهب والفضة الذي لا يستخدم في اللباس والتحلي:
ولا تجب الزكاة فيه إلا إذا بلغ المقدار الشرعي (النصاب) ومرت عليه سنة قمرية كاملة ومقدارها 354 يوماً.
ونصاب الزكاة فيهما كالتالي:
الذهب 85 جراماً تقريباً، الفضة 595 جراماً.
فإذا كان في ملك المسلم هذا المقدار ومرت سنة فيخرج زكاتها 2.5%.
- الأموال والسيولة من العملات باختلاف أنواعها سواء كانت تحت يده أو أرصدة في البنوك:
إخراج زكاتها: يحسب نصاب الأموال والعملات بما يقابله من الذهب، فإن كان يساوي نصاب الذهب أو أكثر منه، وهو 85 جرام تقريباًفي وقت وجوب الزكاة،ومر على المال سنة قمرية وهو في ملكه، فيخرج منه 2،5%.
مثال: سعر الذهب متغير ولو افترضنا أن سعر جرام الذهب حال وجوب الزكاة يساوي (25) دولاراً فيكون نصاب المال كالتالي:
25 (سعر جرام الذهب وهو متغير) × 85 (عدد الجرامات وهو ثابت) = 2125 دولار هو نصاب المال.
- عروض التجارة:
والمراد بها: كل ما أعد للتجارة من أصول كالعقار والمباني والعمارات، أو عروض كالمواد الغذائية والاستهلاكية.
كيفية إخراج زكاتها:يحسب الشخصُ قيمة جميع ما اتخذه للتجارة إذا مر عليه عام كامل، ويكون التقويم بسعر السوق في ذلك اليوم الذي أراد أن يزكِّي فيه، فإذا بلغ ذلك نصاب المال أخرج عنه ربع العشر 2،5%.
- الخارج من الأرض من الزروع والثمار والحبوب:
قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْض} (البقرة: 267).
وتجب الزكاة في أنواع محددة من المزروعات وليس فيها كلها، بشرط أن تبلغ قدراً محدداً شرعاً.
ويفرق بين ما يسقى بالأمطار والأنهار وما يسقى بالمؤونة والعمل في مقدار الواجب من الزكاة مراعاة لأحوال الناس.
- الثروة الحيوانية من البقر والإبل والغنم، فقط إذ كانت تسوم وترعى ولا يتكلف مالكها العلف والأكل لها.
فإن كان يأتي بالأكل لها السنة كلها أو أغلبها فلا تجب فيها الزكاة.
ونصاب زكاتها ومقدار الزكاة له تفصيل يُرجع له في كتب الفقه.
لمن تصرف الزكاة؟
حدد الإسلام المصارف التي تصرف فيها الزكاة. ويجوز للمسلم أن يضعها في صنف واحد أو أكثر من هذه الأصناف، أو يعطيها للمؤسسات والهيئات الخيرية التي تقوم بتوزيعها على مستحقيها من المسلمين، والأولى أن توزع في داخل البلد.
وأصناف المستحقين للزكاة كالتالي:
- الفقراء والمساكين وهم من لا يجدون كفايتهم من الأمور الضرورية والاحتياجات الأساسية.
- من يعملون على جباية الزكاة وتوزيعها.
- الرقيق الذي يشتري نفسه من سيده فيعان ويعطى من الزكاة ليكون حراً.
- من تحمل ديناً ولا يستطيع سداده سواء كان الدين لمصلحة عامة وعمل الخير للناس أو لمصلحته الخاصة.
- المجاهدون في سبيل الله، وهم الذين يقاتلون دفاعاً عن دينهم وأوطانهم ويدخل فيه كل عمل فيه نشر للإسلام وإعزاز لكلمة الله.
- المؤلفة قلوبهم، وهم الكفار الذين أسلموا حديثاً أو من يرجى إسلامه من الكفار، وهذا الصنف لا يعطى من قبل الأفراد وإنما هي وظيفة ولي أمر المسلمين والمؤسسات الخيرية التي تقدّر المصلحة في ذلك.
- المسافر الغريب الذي انقطعت به السبل واحتاج للمال حتى ولو كان يملك في بلده مالاً كثيراً.
قال الله تعالى مبيناً مصارف الزكاة الواجبة: {إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ}(التوبة : 60 ).